يا ليلة العيد – أغنية من قبل أم كلثوم بنت الحسين .. جيل لم يعاصر أم كلثوم، ولم يرها على المسرح، ولا استمع إليها في إحتفالية فورا على المزياع أو التلفاز، حتى إننا ولدنا في أعقاب رحيلها بعدة سنين، نحن جيل الثمانينيات والتسعينيات. جيل تربى إلى أن أم كلثوم هي سيدة التغني، وهي مغنية الكبار. تخيفنا بتجربتها، وترهبنا بأنها مكان محرمة لنا

 

كالأفلام التي يُكتب فوقها للكبار لاغير، لتغدو من الأنحاء التي نحلم باقتحامها حينما نكبر، ليس حبًا فيها أو إعجابًا، ليس إلا بغية نكتشف ماذا يبقى في ذاك العالم، وكي نقنع أنفسنا أننا كبرنا حقًا، كانت أم كلثوم لنا إثبات إحساسنا بالسن، مثل السجائر.

يا ليلة العيد – أغنية من قبل أم كلثوم بنت الحسين

وحينما كبرنا أو توهمنا أننا كبرنا، وقعنا في الفخ، أسرنا صوتها، وكأنها نداهة ونحن ضحايها، سلبت منا كل أشكال الصمود، لا شعور تحس به، سوى ما أرادت هي أن تجعلك تحس به، هي مَن لقبت بأكثر الألقاب المجردة، غير أنه بها بات أكثر لقب يشير إلى صاحبه «الست».

نحن هنا، سنحاول أن نعيش في رحاب «الست»، ونحضر بصحبتها واحد من أكثر أهمية الإحتفاليات في تاريخها الفني والسياسي أيضًا، نبحث خلف إمكانياتها الفنية والسياسية والارتجالية.

 

في مثل ذلك اليوم، يوم وقفة العيد الصغير في سنة 1944، وعلى وجه التحديد المتزامن مع 17 أيلول، نحن في مواجهة إحتفالية مرّ فوقها أكثر من سبعين عامًا، غير أن توجد بأجوائها وأغانيها بكامل أناقتها وجمالها، وربما زادها الزمان روعةًا.

كانت أم كلثوم توفر إحتفاليات وفيرة في الفريق «الإقليمي» في الأربعينيات والخمسينيات، وفي ليلة العيد كانت الأجواء مهيأة لاستقبالها. أم كلثوم كانت بدأت بشكل فعلي القٌعود على عرش الفوز، اقتحمت السينما قبل سنين من الحفل، وسافرت خارج جمهورية مصر العربية عديدة مرات في إحتفاليات في جمهورية دولة العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، ورحلت أسمهان قبل ذلك الحفل بشهرين فحسب. الكل ينتظر ماذا سوف تقدم أم كلثوم في هذه الإحتفالية،
وماذا سوف يكون جديدها؟

الرابط الأولى (مقطوعة ذكرياتي – رق الحبيب) للمرة الأولى

لم تبدأ أم كلثوم الإحتفالية، إلا أن كانت الطليعة مع ناديها، التي قدّمت أسفل سياقة الأستاذ محمد القصبجي مقطوعة «ذكرياتي» من تأليف القصبجي ذاته، وهي تعد من أجمل ما قدّم من مقطوعات موسيقية، وقد عزفها متعددة مرات، وتعارف الناس على أساس أنها واجهة أغنية «رق الحبيب»، لأن أم كلثوم غنَّت بعدها في هذه الإحتفالية ولأول مرة «رق الحبيب». وقيل أن أم كلثوم حذفت الجانب الأمامي في أعقاب هذا، فلم نسمعها مرة أُخرى من ناديها في التسجيلات المتنوعة للأغنية، ولو كان القصبجي قد لعبها منفردًا في جلسات أُخرى.

يكمل توضيح مفهوم «رق الحبيب» أنها الأغنية الأخيرة بين القصبجي وأم كلثوم، وهو خطأ، لأنه لحّن لها عقب هذا أغنيتين في خاتمة الأربعينيات، من بينهم الأغنية المشهورة «يا صبيحة الخير يا اللي معانا».

أيضًا لم تكن «رق الحبيب» هي الأغنية الوحيدة الطويلة التي قدّمها القصبجي لأم كلثوم، خسر لحّن لها في خاتمة الثلاثينات أغنية «يا فؤادي بكرة السفر»، وهي أغنية طويلة وبها واجهة موسيقية طويلة، إلا أن لم تعرف عنها عديدًا لأن أم كلثوم لم تغنها سوى مرة واحدة، أو ما وصلنا هو إلحاق وحيد لها. وشارك في عدم انتشار الأغنية وجود أغنية أخرى لأم كلثوم باِسم مناظر، وهي أغنية «بكرة السفر» لزكريا أحمد والتي قدمتها أم كلثوم في عمل سينمائي «دنانير» 1940.

يا ليلة العيد

كان عادة ما تغني أم كلثوم في إحتفالية ليلة العيد، أنشودة «يا ليلة العيد» والتي غنّتها في عمل سينمائي «دنانير» قبل الإحتفالية بـ 4 سنين، وهي الأغنية التي تمّ حذفها من العمل السينمائي حتى الآن الانقضاض أعلاها، بدعوى عدم ملاءمتها للفترة الزمنية التي تدور فيها فعاليات العمل السينمائي، في العصر العباسي.

كانت «ليلة العيد» هي أغنية الرابط الثانية، وما إن غنت أم كلثوم المذهب الأضخم، وبعد أصغر من دقائق من مطلع الرابط، بدأت حركة غريبة تدب في الموضع، وحيث بمحمد حسين حلمي بك يهمس في أذن رئيس النادي الأحمر أحمد حسنين باشا، فينهض من مقره مسرعًا صوب البوابة، ثم لحظات وتتوقف أم كلثوم وناديها عن التغني.

لسماع اغنية ياليلة العيد اضغط الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=X7fx7jCWV9Y