خالد بدير الخطبة القادمة 19 فبراير 2022

خالد بدير الخطبة القادمة 19 فبراير 2021 تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية

خالد بدير الخطبة القادمة 19 فبراير 2022 تنظيم النسل

العنصر الأول: مظاهر حفظ النسل في الشريعة الإسلامية

عباد الله: لقد خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون وهيأ فيه الظروف المثلى للحياة السعيدة المستقرة، ثم استخلف فيه الإنسان ليقوم بإعماره على الوجه الأكمل الذي يحقق به مرضاة ربه وخدمة بني جنسه وخدمة الكون من حوله؛ قال تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } [هود: 61]، وعمارة الكون تكون بالتناسل والتزاوج ؛ لذلك كان النسل إحدى الضرورات والكليات التي أوجب الشارع حفظها؛ يقول الإمام الشاطبي في الموافقات: ” ومجموع الضرورات خمس هي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، هذه الضرورات إن فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج، وفوت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعمة، والرجوع بالخسران المبين.”

فلو أعرض جميع الناس على عدم التزاوج والتناسل لأثموا جميعًا ؛ وكان ذلك غير مراد الله في الكون؛ ولانقطع النسل والخليقة من على وجه الأرض؛ ولذلك نهى الإسلام عن التبتل والإعراض عن الزواج؛ يروي ذلك أَنَسٌ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ : جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبَرُوا بِهَا، كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا : أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ الآخَرُ : أَنَا أَصُومُ النَّهَارَ لا أُفْطِرُ، وَقَالَ الآخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا . فَجَاءَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَيْهِمْ، فَقَالَ : أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ، إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.” ( البخاري).

” قال المهلب: في هذا الحديث من الفقه أن النكاح من سنن الإسلام، وأنه لا رهبانية في شريعتنا، وأن من ترك النكاح رغبة عن سنة محمد عليه السلام، فهو مذموم مبتدع ” . ( شرح ابن بطال ) .

لذلك حث – صلى الله عليه وسلم – على التزاوج والتكاثر ؛ فعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟، قَالَ: «لَا»، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ » .

خالد بدير الخطبة القادمة 19/2/2022

لقد حرص الإسلام على الحفاظ على الأحفاد في جميع مراحل الحياة. من بين جوانب منع الحمل في الشريعة الإسلامية: يحث على الاختيار الصحيح للزوجين ؛ وأمر بالمحافظة على حياة الجنين فهل يجوز له ذلك؟ يحظر الإجهاض.

يسمح للحامل والمرضع بالفطر في رمضان حفاظا على حياة الجنين. يحرم تنفيذ العقوبة الكيدية على الزنا للحامل والمرضع كما في قصة عز والغامادية. طفل الطفولة ممنوع؛ ممنوع مهاجمة الآخرين. انه مؤهل للمكافأة والقذف المحدود.

الانتحار غير مسموح به. بدلًا من ذلك، حتى التصويت بحشد أو سلاح أمام مسلم، حتى لو كانت مزحة، ولا يجب مهاجمة أرواح غير المسلمين التي لا تشوبها شائبة، مثل الذهول، والمداجن، والمعاهد، والمطلوب قتل الدم والمال والتوبة

بل والاعتداء على أعضاء الميت بالبتر، ونهبها أو بيعها، وربط الشرع بالمثابرة مع الحاكم. لئلا ينخرط الناس في الأزاميل، وتصالح الشريعة من فرنسا بين المشاجرات والمحاربين. لئلا تضيع النفوس وتسفك الدماء والحدود تمنع الشك. وهكذا ‘
وكل هذه الأحكام لها أدلة صحيحة وصريحة من القرآن والسنة. لا يمكن ذكر المقام. وأنت خبير في ذلك.

ثم إن كل هذه الأحكام تدل على أن دين الله كامل وواضح ويحفظ النسل ويراعي مصالح الناس في أي زمان ومكان !!

 

العنصر الثاني:  تنظيم النسل في ميزان الشريعة الإسلامية

المسلمون: الإسلام دين النظام. كان بمثابة المصباح الساطع لساعة الوقوف التي تنظم دقائق حياته بما فيه خير لعالمه وآخرته، في كتاب لا يمكن أن يأتي الكذب من بين يديه أو من ورائه. لم يخلق الإنسان عبثًا، ولم يترك بلا إرشاد. ستعود} (المؤمنون: 115).

يقول هنري سيروي أحد المفكرين المسيحيين: إن محمدا – صلى الله عليه وسلم – لم يغرس في نفوس العرب مبدأ التوحيد فقط، بل غرس فيه الحضارة والأدب والنظام.

ومن أهم القضايا التي اهتم بها الإسلام اهتماما كبيرا واهتمامها (موضوع تحديد النسل).

تحديد النسل: هم الزوجان – بموافقة متبادلة – باستخدام وسائل معروفة ومشروعة، لا يقصد من استخدامها التسبب في العقم أو القضاء على وظيفة الجهاز التناسلي. بالأحرى، يُقصد منه الإبقاء على الحمل لفترة، لمصلحة ما يراه الزوجان أو من يثقون به بين ذوي الخبرة.

الدافع وراء تنظيم الحمل هو مراعاة حالة الأسرة وقضاياها، سواء كانت صحية أو القدرة على الخدمة أو ظروف معيشية أخرى. احرص على إبقاء جهازك التناسلي جاهزًا للعمل.

 

وتنظيم النسل ورد عن صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – عن طريق وسيلة العزل ؛ فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قال: ” كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ فَلَمْ يَنْهَنَا ” .( متفق عليه ).

فقد أخبر جابر-رضي الله عنه- أنَّ الصحابة كانوا يعزلون في زمن نزول الوحي، فلو لم يكن جائزًا لما أقرهم عليه.

وهناك وسائل طبية حديثة لتنظيم النسل بديلة عن عملية العزل ؛ وهي بمثابة الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله .

ولقد أثبتت البحوث العلمية والصحية أن فترة عامين ضرورية لينمو الطفل نموًا طبيعيًا سليمًا من الوجهتين الصحية والنفسية؛ لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، وذلك لأن الأم مع رضاعة وليدها بالحليب ترضعه العطف والحنان الذي لا يملكه غيرها. كما قال الشاعر اللبناني(أحمد تقي الدين):

والأُم أَولى الوالـــدَيْن بوِلْــدِها…………..تَسقيه من دم قلبها الخفّاق

الأم مدرسةُ البـنينَ وحسبُهم…………..أن يغتدوا من ثديها المهراق

هي تُـــــــرضعُ الأجسامَ والأرواحَ ما………….في صدرها من صــــــحة وخَلاق

فإذا هي انحّطتْ فنشءٌ خــــــاملٌ…………. وإذا ارتقتْ بشِّرْ بنشءٍ راقي

الطـــــــفلُ مثلُ الشمعِ لَدْنٌ فاْطبعي…………..يا أُمُّ فيه محاسنَ الأّخلاق

ومن هنا كانت حكمة الله تعالى في إرجاع موسى إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن؛ قال تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ}( القصص: 13)، ويرى العلماء أن الطفل يحس بالأمن كلما ألصقته الأم إلى صدرها؛ فهي ترضع ولدها وتأخذ عليه أجرًا؛ قال تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }(طه: 39).

أما ما يفعله العوام من عدم تنظيم النسل؛ وأن المرأة تحمل بعد بضعة أشهر من ولادتها؛ فهو اعتداء على الحمل والرضيع معًا، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم اللبن في حالة الحمل لبن الْغِيلَةِ ؛ لما يترتب عليه من حمل يفسد اللبن ويضعف الولد، وإنما سماه غِيلَةً، لأنه جناية خفية على الرضيع؛ فأشبه القتل سرًا.

ونتيجة لعدم تنظيم النسل؛ يحدث ضعفٌ شديدٌ للمرأة والأولاد معًا ؛ فضلًا عن عجز الأبوين معًا عن القيام بحقوق الأولاد كاملة في التربية والتعليم والتنشئة الصحية؛ مما يخرج جيلًا هشًا ضعيفًا لا يقوى على متطلبات الحياة ومواجهة الصعاب ؛ وهنا جاءت السنة النبوية ترشدنا إلى الحذر من الوقوع في هذا الوهن والضعف؛ فعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ؛ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ؛ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ» . ( أحمد وأبو داود بسند صحيح ) . وغثاء السيل: ” ما يحمله السَّيل مِن زَبَد ووَسَخ؛ شبَّههم به لقلَّة شجاعتهم ودناءة قدرهم “. ( عون المعبود ) .